
(السياسة) ليس بالضرورة أن تكون في موضوع (السياسة ) الدولية أو الداخلية المُتَعَارف عليها التي يلوكُها الإعلام صباحَ مساءَ بكل ما فيها من أكاذيب وخداع وتضليل وسقوط أخلاق لكنها قد تكون في قدرة بعض البشر على استدراج عقل أحدهم وشحنه بما لديه من قناعات وأفكار وتوجُّهات قد لاتكون سليمة ثم موافقته على ما يريد دون أي مقاومة منه حتى يصبح أسير أفكاره ومَثَلَهُ الأعلا إلى درجة أن يصل به الأمر أَلاَّ يرى غيره على حق حتى ولو كان من أقرب الأقربين إليه؛ لأنه بأسلوبه الساحر استطاع أن يسيطر على كل مراكز التفكير عنده، وهذا ما تفعله المنظمات الإرهابية مثل القاعدة (وابنتها داعش)؛ حينما تسيطر على أفكار بعض الناس ولاسيما أنصاف المتعلمين الذين ينخرطون في هذا التنظيم الإرهابي دون تفكير في العواقب حتى يصبحوا بين عشية وضحاها يرون أن هذه الجماعة هم أصحاب الحق والعدل والخلاص والفضيلة فيستغلهم منظروا هذا التنظيم لتحقيق أهدافهم ،تنفيذاً لأوامر وتعليمات من جهات مخابراتية عالمية ، فيقومون بالأعمال الإجرامية التي يعتقدون أنها الوسيلة الوحيدة لبسط نفوذهم والبحث عن دولتهم المزعومة التي لا توجد إلا في العقول الخاوية لمنظريهم .
كل ذلك يعملونه وهم يرتدون ثياب الزُّهد والتُّقى ويتقمَّصون شخصيات لهاتاريخها الإسلامي المُشرِّف ويَتَسَمَّوْنَ بأسمائِهم ويَتَكَنَّوْنَ بكُناهم مما يدل على ضحالة عقولهم إن كانوا في الأصل من أصحاب العقول .
وقدغَفَلُوا عن أنهم أُلْعُوبة في أيدي بعض المخابرات الأجنبية التي تنفذ مخططاتها بواسطتهم؛ أما أولئك المغرربهم فيبتلعون الطُّعم ويصدقون كل العبارات الزائفة فينزلقون في براثن القتل والتدمير حتى إذا ما أفاقوا من غيبوبتهم (السياسية )يجدون أنفسهم في وَهْمٍ لا فرار منه فيستمرون في غَيِّهِمْ يعمهون حتى يُتمَّ الواحد منهم مهمته التي كُلِّفَ بها وسرعان ما يتخلص منه رؤساؤه بطرقهم الخاصة .
ولو حاول أولئك الضحايا الذين سَلِموا من غدر قادتهم وبقوا على قيد الحياة عند استيقاظ أحدهم من غيبوبته ( السياسية) وعودته إلى حالته الطبيعية استعادة حقوقه المعنوية والمادية التي خسرها من خلال انضمامه إلى هذه الجماعة الإرهابية فلن يمكنه إثبات حقه الضائع ومكانته المفقودة التي اختفت بفعل انصياعه لأفكارالغير ؛ وبتالي لا يمكنه المطالبة بحقه الذي ابتلعته السياسةالقاتلة لا لشئ وإنما لأن
( القانون لايحمي المغفلين ) .
عطية جابر الثقفي .